السلام عليكم وجدت هذه رواية
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ
(عليه السلام) قَالَ خَرَجَ إِلَيْنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وَ هُوَ مُغْضَبٌ فَقَالَ إِنِّي خَرَجْتُ آنِفاً فِي حَاجَةٍ فَتَعَرَّضَ لِي بَعْضُ
سُودَانِ الْمَدِينَةِ فَهَتَفَ بِي لَبَّيْكَ يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ لَبَّيْكَ فَرَجَعْتُ عَوْدِي عَلَى بَدْئِي إِلَى مَنْزِلِي خَائِفاً ذَعِراً مِمَّا قَالَ حَتَّى
سَجَدْتُ فِي مَسْجِدِي لِرَبِّي وَ عَفَّرْتُ لَهُ وَجْهِي وَ ذَلَّلْتُ لَهُ نَفْسِي وَ بَرِئْتُ إِلَيْهِ مِمَّا هَتَفَ بِي وَ لَوْ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَدَا مَا
قَالَ اللَّهُ فِيهِ إِذاً لَصَمَّ صَمّاً لَا يَسْمَعُ بَعْدَهُ أَبَداً وَ عَمِيَ عَمًى لَا يُبْصِرُ بَعْدَهُ أَبَداً وَ خَرِسَ خَرْساً لَا يَتَكَلَّمُ بَعْدَهُ أَبَداً ثُمَّ قَالَ لَعَنَ
اللَّهُ أَبَا الْخَطَّابِ وَ قَتَلَهُ بِالْحَدِيدِ.
فكيف الناس يرددون هذا شعار بلملايين كل سنة في عاشوراء ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن معنى التلبية الوارد في الرواية المنقولة عن الإمام الصادق (عليه السلام) يختلف عن تلبية نداء الحسين (عليه السلام)، حيث أن الأولى كتلبية الحج، أما الثانية فهو استجابة لنداء الحسين (عليه السلام) حين صاح: ”ألا هل من ناصر ينصرنا“. ولا بأس بسرد شروح الأكابر لها وتعليقهم عليها ليتضح المعنى أكثر.
قال الشيخ محمد صالح المازندراني في شرحه لأصول الكافي الشريف:
”الأصل: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن بعض أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج إلينا أبو عبد الله (عليه السلام) وهو مغضب فقال: ”إني خرجت آنفا في حاجة فتعرض لي بعض سودان المدينة فهتف بي: لبيك يا جعفر بن محمد لبيك، فرجعت عودي على بدئي إلى منزلي خائفا ذعرا مما قال حتى سجدت في مسجدي لربي وعفّرت له وجهي وذللت له نفسي وبرئت إليه مما هتف بي ولو أن عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه إذا لصم صما لا يسمع بعده أبدا وعمي عمى لا يبصر بعده أبدا وخرس خرسا لا يتكلم بعده أبدا، ثم قال: لعن الله أبا الخطاب وقتله بالحديد“.
الشرح: ”قوله: ”فتعرض لي بعض سودان المدينة“ وكان غاليا تابعا لأبي الخطاب ”فهتف بي لبيك يا جعفر بن محمد لبيك“ كأنه قصد به ربوبيته (عليه السلام)، أو قال ”لبيك اللهم يا جعفر بن محمد لبيك“ فحذف (عليه السلام) «اللهم» لكراهته ذكره في الحكاية، ومعناه: أقيم على طاعتك يا رب إقامة بعد إقامة، وإجابة بعد إجابة، من لب بالمكان وألب إذا أقام به ولم يفارقه، وهو مصدر منصوب بفعل مقدر أي ألب ألبابا لك بعد إلباب، وقيل معناه اتجاهي وقصدي إليك يا رب من قولهم داري تلب دارك أي تواجهها، وقيل معناه إخلاصي لك من قولهم حب لباب إذا كان خالصا، فلا يرد أن مثل هذا الكلام قد يقال لقصد تعظيم المخاطب لا لقصد ربوبيته ”فرجعت عودي على بدئي إلى منزلي“ قال السيد رضي الدين (رضي الله عنه): «عودي» حال مؤكده و«على» متعلق به أو بـ «رجعت»، والبدء مصدر بمعنى الابتداء جعل بمعنى المفعول أي رجعت عائدا على ما ابتدئه. أقول: المقصود منه هو المبالغة في عدم الاستقرار وكون عوده من السير متصلا بابتدائه، ثم قال: ويجوز أن يكون عودي مفعولا مطلقا لرجع أي رجع على يديه عودا معهودا وكأنه عهد منه أن لا يستقر على ما ينتقل إليه بل يرجع إلى ما كان عليه قبل ”“ائفا ذعرا مما قال“، الذعر بالضم: اسم من أذعرته ذعرا إذا أفزعته وأخفته وخوفه (عليه السلام) من الله كخوف الوزير من غيرة السلطان ومؤاخذته عند نسبة الرعية إليه السلطنة وتسميته سلطانا وإن لم يكن له تقصير فيه ”ولو أن عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه“ أي جاوز عما قال الله في وصفه من أنه رسوله وكلمته إلى ما عداه من الربوبية والصفات المختصة بالرب ”إذاً لصمّ صمما لا يسمع بعده أبدا“ انتهى. الظاهر منه ومن نظائره المعنى الحقيقي مع احتمال حمله على المعنى المجازي وهو على الأول مختص بأهل الكمال عند تجاوزهم عن حدهم بدليل أن بعض الجهلة ادعى الربوبية لنفسه ولم يُصم ولم يُعْمَ ولم يُخرَس حقيقة. ثم قال: ”لعن الله أبا الخطاب“ اسمه محمد بن مقلاص وكان غاليا ملعونا يعتقد بأن جعفر بن محمد إله وكان يدعو من تبعه إليه وأمره مشهور“. (المصدر: شرح أصول الكافي للشيخ محمد صالح المازندراني - الجزء 12 - الصفحة 301).
وأيضا أوردها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وعلق عليها بقوله:
”بيان: قال الجوهري: رجع عودا على بدء، وعوده على بدئه: أي لم ينقطع ذهابه، حتى وصله برجوعه. أقول: لعله كان من أصحاب أبي الخطاب، ويعتقد الربوبية فيه (عليه السلام) فناداه بما ينادي الله تعالى به في الحج، فاضطرب (عليه السلام) لعظيم ما نسب إليه وسجد مبرئا نفسه عند الله من ذلك، ولعن أبا الخطاب لأنه كان مخترع هذا المذهب الفاسد.“. (المصدر: بحار الأنوار للعلامة المجلسي - الجزء 37 - الصفحة 43).
مكتب الشيخ الحبيب في لندن
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ
(عليه السلام) قَالَ خَرَجَ إِلَيْنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) وَ هُوَ مُغْضَبٌ فَقَالَ إِنِّي خَرَجْتُ آنِفاً فِي حَاجَةٍ فَتَعَرَّضَ لِي بَعْضُ
سُودَانِ الْمَدِينَةِ فَهَتَفَ بِي لَبَّيْكَ يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ لَبَّيْكَ فَرَجَعْتُ عَوْدِي عَلَى بَدْئِي إِلَى مَنْزِلِي خَائِفاً ذَعِراً مِمَّا قَالَ حَتَّى
سَجَدْتُ فِي مَسْجِدِي لِرَبِّي وَ عَفَّرْتُ لَهُ وَجْهِي وَ ذَلَّلْتُ لَهُ نَفْسِي وَ بَرِئْتُ إِلَيْهِ مِمَّا هَتَفَ بِي وَ لَوْ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَدَا مَا
قَالَ اللَّهُ فِيهِ إِذاً لَصَمَّ صَمّاً لَا يَسْمَعُ بَعْدَهُ أَبَداً وَ عَمِيَ عَمًى لَا يُبْصِرُ بَعْدَهُ أَبَداً وَ خَرِسَ خَرْساً لَا يَتَكَلَّمُ بَعْدَهُ أَبَداً ثُمَّ قَالَ لَعَنَ
اللَّهُ أَبَا الْخَطَّابِ وَ قَتَلَهُ بِالْحَدِيدِ.
فكيف الناس يرددون هذا شعار بلملايين كل سنة في عاشوراء ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن معنى التلبية الوارد في الرواية المنقولة عن الإمام الصادق (عليه السلام) يختلف عن تلبية نداء الحسين (عليه السلام)، حيث أن الأولى كتلبية الحج، أما الثانية فهو استجابة لنداء الحسين (عليه السلام) حين صاح: ”ألا هل من ناصر ينصرنا“. ولا بأس بسرد شروح الأكابر لها وتعليقهم عليها ليتضح المعنى أكثر.
قال الشيخ محمد صالح المازندراني في شرحه لأصول الكافي الشريف:
”الأصل: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن بعض أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خرج إلينا أبو عبد الله (عليه السلام) وهو مغضب فقال: ”إني خرجت آنفا في حاجة فتعرض لي بعض سودان المدينة فهتف بي: لبيك يا جعفر بن محمد لبيك، فرجعت عودي على بدئي إلى منزلي خائفا ذعرا مما قال حتى سجدت في مسجدي لربي وعفّرت له وجهي وذللت له نفسي وبرئت إليه مما هتف بي ولو أن عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه إذا لصم صما لا يسمع بعده أبدا وعمي عمى لا يبصر بعده أبدا وخرس خرسا لا يتكلم بعده أبدا، ثم قال: لعن الله أبا الخطاب وقتله بالحديد“.
الشرح: ”قوله: ”فتعرض لي بعض سودان المدينة“ وكان غاليا تابعا لأبي الخطاب ”فهتف بي لبيك يا جعفر بن محمد لبيك“ كأنه قصد به ربوبيته (عليه السلام)، أو قال ”لبيك اللهم يا جعفر بن محمد لبيك“ فحذف (عليه السلام) «اللهم» لكراهته ذكره في الحكاية، ومعناه: أقيم على طاعتك يا رب إقامة بعد إقامة، وإجابة بعد إجابة، من لب بالمكان وألب إذا أقام به ولم يفارقه، وهو مصدر منصوب بفعل مقدر أي ألب ألبابا لك بعد إلباب، وقيل معناه اتجاهي وقصدي إليك يا رب من قولهم داري تلب دارك أي تواجهها، وقيل معناه إخلاصي لك من قولهم حب لباب إذا كان خالصا، فلا يرد أن مثل هذا الكلام قد يقال لقصد تعظيم المخاطب لا لقصد ربوبيته ”فرجعت عودي على بدئي إلى منزلي“ قال السيد رضي الدين (رضي الله عنه): «عودي» حال مؤكده و«على» متعلق به أو بـ «رجعت»، والبدء مصدر بمعنى الابتداء جعل بمعنى المفعول أي رجعت عائدا على ما ابتدئه. أقول: المقصود منه هو المبالغة في عدم الاستقرار وكون عوده من السير متصلا بابتدائه، ثم قال: ويجوز أن يكون عودي مفعولا مطلقا لرجع أي رجع على يديه عودا معهودا وكأنه عهد منه أن لا يستقر على ما ينتقل إليه بل يرجع إلى ما كان عليه قبل ”“ائفا ذعرا مما قال“، الذعر بالضم: اسم من أذعرته ذعرا إذا أفزعته وأخفته وخوفه (عليه السلام) من الله كخوف الوزير من غيرة السلطان ومؤاخذته عند نسبة الرعية إليه السلطنة وتسميته سلطانا وإن لم يكن له تقصير فيه ”ولو أن عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه“ أي جاوز عما قال الله في وصفه من أنه رسوله وكلمته إلى ما عداه من الربوبية والصفات المختصة بالرب ”إذاً لصمّ صمما لا يسمع بعده أبدا“ انتهى. الظاهر منه ومن نظائره المعنى الحقيقي مع احتمال حمله على المعنى المجازي وهو على الأول مختص بأهل الكمال عند تجاوزهم عن حدهم بدليل أن بعض الجهلة ادعى الربوبية لنفسه ولم يُصم ولم يُعْمَ ولم يُخرَس حقيقة. ثم قال: ”لعن الله أبا الخطاب“ اسمه محمد بن مقلاص وكان غاليا ملعونا يعتقد بأن جعفر بن محمد إله وكان يدعو من تبعه إليه وأمره مشهور“. (المصدر: شرح أصول الكافي للشيخ محمد صالح المازندراني - الجزء 12 - الصفحة 301).
وأيضا أوردها العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وعلق عليها بقوله:
”بيان: قال الجوهري: رجع عودا على بدء، وعوده على بدئه: أي لم ينقطع ذهابه، حتى وصله برجوعه. أقول: لعله كان من أصحاب أبي الخطاب، ويعتقد الربوبية فيه (عليه السلام) فناداه بما ينادي الله تعالى به في الحج، فاضطرب (عليه السلام) لعظيم ما نسب إليه وسجد مبرئا نفسه عند الله من ذلك، ولعن أبا الخطاب لأنه كان مخترع هذا المذهب الفاسد.“. (المصدر: بحار الأنوار للعلامة المجلسي - الجزء 37 - الصفحة 43).
مكتب الشيخ الحبيب في لندن