السلام عليكم شيخنا ورحمة الله تعالى وبركاته .

شيخنا الكريم يحتج علينا المخالفون بأن الشيعة لا يمتلكون سند صحيح لحديث الغدير الاغر بسند أمامي صحيح وان كل الروايات الورادة في كتب الشيعة حول حديث الغدير سندها ضعيف وبذلك عندهم لا حجة لنا عليهم من كتبهم ما دام كتبنا لم تروة بحديث صحيح السند على الرغم من ان كتبهم روت حديث الغدير بسند

فأرجوا من سماحتكم ان تزودوننا بحديث صحيح السند من كتب الشيعة حول حديث الغدير الآغر .
ودمتم في رعاية الجبار الكريم .




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته عليهم السلام، ولعنة الله على قتلتهم وأعدائهم أجمعين.

هذا إشكال فيه كثير من الغرابة والخلط.

ما هو ثابت وصحيح ومتواتر في كتبهم هو الذي يكون حجة عليهم وليس ما في كتبنا نحن! فنحن إذا أردنا الإحتجاج عليهم بحديث الغدير سنلقي الحجة عليهم من صحاحهم التي تروي هذا الحديث بأسانيد صحيحة كثيرة حتى بلغ الحديث حد التواتر عندهم. ولا ينكر حادثة الغدير أو يشكك بها إلا جاهل أو متعنّت.

فقد ذكر ابن كثير – وهو من كبار علمائهم – في كلام ينقله عن الذهبي "قال: وصدر الحديث متواتر أتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله وأما اللهم وال من والاه فزيادة قوية الاسناد" (البداية والنهاية ج5 ص233) وقال أيضا في نفس الكتاب "وقد اعتنى بأمر هذا الحديث أبو جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ فجمع فيه مجلدين أورد فيهما طرقه وألفاظه، وساق الغث والسمين والصحيح والسقيم، على ما جرت به عادة كثير من المحدثين" (البداية والنهاية ج5 ص227).

وذكر الألباني بعد تعرضه لحديث الغدير "قلت: وإسناده صحيح على شرط البخاري وقال الهيثمي في المجمع (9/104): رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة، وهو ثقة" (سلسلة الأحاديث الصحيحة م 4 ص 331). ثم ذكر الألباني في نفس كتابه "وقد ذكرت وخرّجت ما تيسر لي منها مما يقطع الواقف عليها بعد تحقيق الكلام على أسانيدها بصحة الحديث يقيناً، وإلا فهي كثيرة جداً وقد استوعبها ابن عقيدة في كتاب مفرد، قال الحافظ ابن حجر: منها صحاح ومنها حسان. وجملة القول أن حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه، بل الأول منه متواتر عنه – يعني النبي صلى الله عليه وآله – كما يظهر لمن تتبع أسانيده وطرقه، وما ذكرت منها كفاية" (سلسلة الأحاديث الصحيحة م 4 ص 343)

وروى الذهبي حديث الغدير في كتابه سير أعلام النبلاء ثم علق عليه وقال "هذا حديث حسن، عال جداً، ومتنه فمتواتر" (سير أعلام النبلاء ج 8 ص 334-335)

فإذا الحديث عندهم بلغ حد التواتر والقطع واليقين. ولذلك لا نعجب قيام هذا المخالف بمحاولة الفرار من كتبه إلى كتبنا، حيث أن في كتبه لا مفر من حجية الحديث الشريف.

ثم – على فرض – أن كل أسانيد حديث الغدير ضعيفة في كتب الإمامية، ذلك لا يخدش بصحة الحديث وذلك لأنه من المعروف أنه إذا بلغ متن حديث ما حد التواتر فإنه يقطع بصحته دون النظر في إسناده. وهذا الكلام لا نقوله نحن فقط بل يقوله كبار أئمتهم، قال شيخهم ابن تيمية "والمراسيل إذا تعددت طرقها وخلت عن المواطأة قصداً أو الإتفاق بغير قصد، كانت صحيحة قطعاً" (مقدمة في أصول التفسير ص 62).

وقال العلامة المجلسي رضوان الله عليه في تواتر روايات غدير خم: "أقول: نورد ههنا ما ذكره السيد جمال الدين ابن طاوس في كتاب الاقبال في ذكر عمل يوم الغدير من أخباره قال: اعلم أن نص النبي على مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الغدير بالإمامة لا يحتاج إلى كشف وبيان لأهل العلم والأمانة والدراية، وإنما نذكر تنبيها على بعض من رواه، ليقصد من شاء ويقف على معناه، فمن ذلك ما صنفه أبو سعد مسعود بن ناصر السجستاني المخالف لأهل البيت في عقيدته المتفق عند أهل المعرفة به على صحة ما يرويه لأهل البيت وأمانته، صنف كتابا سماه كتاب الدراية في حديث الولاية، وهو سبعة عشر جزءا، روى فيه حديث نص النبي صلى الله عليه وآله بتلك المناقب والمراتب على مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام عن مائة وعشرين نفسا من الصحابة، ومن ذلك ما رواه محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ الكبير في كتاب صنفه وسماه كتاب " الرد على الحرقوصية" روى فيه حديث يوم الغدير وما نص النبي صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام بالولاية والمقام الكبير، وروى ذلك من خمس وسبعين طريقا، ومن ذلك ما رواه أبو القاسم عبيد الله ابن عبد الله الحسكاني في كتاب سماه (كتاب دعاء الهداة إلى أداء حق الموالاة) ومن ذلك الذي لم يكن مثله في زمانه أبو العباس أحمد بن سعيد بن عقدة الحافظ الذي زكاه وشهد بعلمه الخطيب مصنف تاريخ بغداد، فإنه صنف كتابا سماه (حديث الولاية) وجدت هذا الكتاب بنسخة قد كتبت في زمن أبو العباس بن عقدة مصنفه، تاريخها سنة ثلاثين وثلاث مائة، صحيح النقل، عليه خط الطوسي وجماعة من شيوخ الاسلام لا يخفى صحة ما تضمنه على أهل الافهام، وقد روى فيه نص النبي على مولانا علي عليه السلام بالولاية من مائة وخمس طرق، وإن عددت أسماء المصنفين من المسلمين في هذا الباب طال ذلك على من يقف على هذا الكتاب، وجميع هذه التصانيف عندنا الآن إلا كتاب الطبري" (بحار الأنوار ج37 ص126-127).

ومع ذلك؛ فهذا حديث بسند صحيح أورده شيخنا الصدوق رحمه الله في الخصال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن - الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، ويعقوب بن يزيد جميعا، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع ونحن معه أقبل حتى انتهى إلى الجحفة فأمر أصحابه بالنزول فنزل القوم منازلهم، ثم نودي بالصلاة فصلى بأصحابه ركعتين، ثم أقبل بوجهه إليهم فقال لهم: إنه قد نبأني اللطيف الخبير أني ميت وأنكم ميتون، وكأني قد دعيت فأجبت وأني مسؤول عما أرسلت به إليكم، وعما خلفت فيكم من كتاب الله وحجته وأنكم مسؤولون، فما أنتم قائلون لربكم؟ قالوا: نقول: قد بلغت ونصحت وجاهدت - فجزاك الله عنا أفضل الجزاء - ثم قال لهم: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إليكم وأن الجنة حق؟ وأن النار حق؟ وأن البعث بعد الموت حق؟ فقالوا: نشهد بذلك، قال: اللهم اشهد على ما يقولون، ألا وإني أشهدكم أني أشهد أن الله مولاي، وأنا مولى كل مسلم، وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فهل تقرون لي بذلك، وتشهدون لي به؟ فقالوا: نعم نشهد لك بذلك، فقال: ألا من كنت مولاه فإن عليا مولاه (1) وهو هذا، ثم أخذ بيد علي عليه السلام فرفعها مع يده حتى بدت آباطهما: ثم: قال: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، ألا وإني فرطكم (2) وأنتم واردون علي الحوض، ألخ..”.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

23 محرم الحرام 1441 هجرية